السودان البلد المنهك، الذي يئن تحت وطأة المحن وتعصف به الأزمات؛ بين المواجهات العسكرية واللجوء والنزوح والفيضانات، ومؤخرًا انتشار الكوليرا في عدد من ولايات البلاد التي تكتظ بآلاف النازحين، تفشي الكوليرا في السودان أوقع 388 شخصًا خلال شهرين، يأتي هذا التفشي في وقت حساس، حيث يواجه البلد أزمات كثيرة تؤثر بشكل كبير على البنية التحتية الصحية فيه. وصل الأمر في بعض المناطق المتضررة من الفيضانات و الأمطار إلى مرحلة الخطر وتحتاج تدخلًا عاجلاً.
تفشي الكوليرا في السودان خطر جديد يهدد البلاد
منذ أن أعلنت الصحة الاتحادية عن تفشي المرض في 12/8/2024 الذي كان قد بدأ بالظهور في 22 يوليو. يشهد السودان تفاقم للوباء بشكل مقلق، فقد سجلت السلطات السودانية 388 حالة وفاة و13.000 حالة إصابة 13.000 خلال شهري يوليو وأغسطس، كما تم رصد حالات المرض في 10 ولايات من أصل 18 ولاية في البلاد، وكانت المناطق الأكثر ضرراً (القضارف، كسلا، نهر النيل، البحر الأحمر، الشمالية). فقد صلت إلى مرحلة الخطر وتحتاج تدخلًا عاجلًا.
أسباب ساهمت في زيادة انتشار الكوليرا
من أهم الأسباب التي ساعدت على سرعة انتشار الكوليرا:
- الأمطار والفيضانات:
تزامن تفشي الكوليرا في السودان مع موسم الأمطار، وزادت الفيضانات من تفاقم الوضع الصحي، فالمياه الملوثة تساعد على انتشار الكوليرا بسرعة أكبر. والفيضانات وتشكل صعوبة في السيطرة على انتشار المرض.
- انخفاض معدلات التحصين:
انخفض معدل التحصين الوطني إلى 50% مقارنة بـ85% قبل الحرب، ذلك جعل الفئات الضعيفة وخاصة الأطفال تحت سن الخامسة، عرضة لخطر التعرض للأمراض الوبائية الأُخرى كالحصبة والملاريا وغيرها، و ليس فقط الكوليرا.
- غياب الاستقرار الأمني
تأتي أزمة تفشي الكوليرا في السودان وسط انعدام الاستقرار الأمني والحرب التي تسببت في تدمير أكثر من 70% من مشافي مناطق الصراع. بالإضافة إلى توقف رواتب عاملي قطاع الصحة لشهور، أدى إلى ضعف الاستجابة الفاعلة للأزمات، أيضًا استمرار النزاعات عرقل وصول المساعدات والمواد الحيوية كاللقاحات.
تصريحات وتحذيرات دولية بشأن وباء الكوليرا
من التحذيرات بشأن تفشي الكوليرا في السودان:
- تصريحات ممثل اليونيسف في السودان، شيلدون ييت
يمثل الوضع الراهن في السودان تحديًا للحد من تفشي الأمراض المعدية، مع وجود 15 مليون شخص في 14 ولاية مهددة بخطر الفيضانات، و3.1 مليون شخص معرضين للإصابة بالكوليرا بين يوليو وديسمبر 2024، يواجه السودان أزمة صحية خطيرة. وأشار إلى أن الاستثمار في قطاع الصحة والمياه والصرف الصحي، أمر ضروري لمواجهة هذه الأزمات.
- حذرت سونالي كوردي معاون مدير مكتب المساعدات للوكالة الأمريكية للتنمية (USAID)، من تفاقم الأوضاع بالسودان، قالت:
“هناك 25 مليون شخص بدأوا يعانون من الجوع، وهناك فظائع تُرتكب كل يوم ويجب أن تتوقف. والكوليرا هي آخر ما نراه من تطورات هذا الصراع؛ إذ سجلنا 11 ألف حالة، لكن الأعداد الفعلية قد تكون أكبر بكثير”. وأن مستوى الوفيات بسبب الكوليرا “يفوق المعدل الطبيعي”
- أفضل طريقة لمنع تفشي الكوليرا في السودان
أكدت “كوردي” أن أفضل وسيلة لمنع تفشي المرض، يتمثل في توفير مياه نظيفة وبنية تحتية صحية، بالإضافة إلى توفير الطعام والرعاية الصحية والتطعيمات خصوصًا في المخيمات المزدحمة.
حاجة السودان لتدخل دولي عاجل
- وفق خبراء في الرعاية الصحية:
الوضع الصحي والغذائي المتردي في السودان يعرض الأطفال لخطر أكبر للإصابة بالأمراض المعدية. ومع استمرار الصراعات وانهيار البنية التحتية، فإن تحسن الأوضاع الصحية والغذائية يتطلب تعاونًا دوليًّا كبيرًا.
- وفقًا لمنظمات دولية:
أنه في ظل الظروف الصعبة، يحتاج السودان إلى تدخلات منسقة بين المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية للسيطرة على تفشي الكوليرا في السودان والأمراض الوبائية الأخرى.
ومع توقع استمرار الأزمات، فإن الخطوة الأهم هي البدء بإصلاح البنية التحتية الصحية، وحملات التطعيم لحماية الأطفال والأسر من تهديد الأمراض القاتلة.